عن السلطتين: الاولى والرابعة


بقلم _عبدالزهرة محمد الهنداوي 
جميع السلطات (القضائية، والتشريعية والتنفيذية، والاعلامية)، تأخذ التسلسل الاول والثاني والثالث والرابع، وهذا التسلسل، لا ينقص من قيمتها، فكل واحدة  من هذه السلطات، هي اولى وهي ثانية وهي ثالثة وهي رابعة، وفقا للتسلسل الذي يبدأ به العادّون، ولكنها في نهاية المطاف، سلطات تتكامل فيما بينها، مكونةً الهيكل الكامل لجسد الدولة، لتأتي باقي التفاصيل، تتحرك وسط هذه الاركان الاربعة، وبالتالي فان غياب او فقدان او تداعي   اي ركن منها،  ستتداعى له الاركان الباقيات بالارتباك،..
وعندما اتحدث عن السلطتين الاولى (القضائية)، والرابعة (الاعلامية)، فأن القصد من وضعهما بهذين  التسلسلين، انما جاء بقصد هام، وهو ان هاتين السلطتين، هما اللتان تؤطران سلوك الدولة بجميع تفاصيلها ومفاصلها، ذلك لان الساحة التي يتحركان بها والفضاء الذي يطيران فيه، يرتبط بباقي السلطات، وهما يتكاملان في عملهما، في عملية ضبط ايقاع سلوكيات الدولة، فلو غابت السلطة القضائية فاننا سنتحول الى شريعة  غاب، ويصبح حالنا محكوم بمبدأ (الك ياطويل الذراع)، فالقضاء هو الذي يصون الحقوق، ويحمي الحريات،  ويضمن التوازن الاجتماعي، ولا يمكن لباقي السلطات ان تمارس ادوراها بنحو سليم، من دون وجود القضاء، واذا انتقلنا الى السلطة الرابعة (الاعلام والصحافة)، فيمكن القول، انها تمثل العين التي يبصر بها الاخرون، والقدم التي يسيرون عليها، فاذا غابت هذه السلطة، فإن ظلاما دامسا سيعم في الارجاء، وتُصاب الحركة بالشلل، ووفقا لهذا المبدأ، فإن ليس ثمة تزاحم بين السلطتين، اذ لايمكن لاحدهما ان تزيح الاخرى، او تحل محلها، فلكل منهما واجباتها وادوارها التي تؤديها، ولذلك فإن اي محاولة، لايجاد حالة من التنازع، او السعي لضرب احدهما بالاخرى ستبوء بالفشل، ذلك لان القائمين على السلطتين يدركون جيدا، ان وجودهما اساسي، في عملية رسم  المسارات السليمة للحياة، ولكن هذا لا يعني ان الاجواء صافية، ودرجات الحرارة معتدلة، فدائما ثمة عواصف غبارية تهب من اتجاهات مختلفة، مخلفة الكثير من الغبار الذي يغطي كل شيء، ما يؤدي الى ضيق في الصدور،  يسبب  صعوبة في التنفس!!، وقد يعقب ذلك ارتفاعا في درجات الحرارة.
اما لماذا هذا التوتر وهذا الغبار، فلعل البعض يسعى الى استغلال سقف الحرية العالي  التي يتمتع بها الاعلام العراقي، ومبدأ حرية التعبير الذي كفله الدستور، ليوجه طعنات الى القضاء، في محاولة منه للنيل من هذا الركن الاساسي من اركان الدولة،  ولا اعتقد ان عاقلا يرضى بذلك.
نعم قد تكون ثمة هنات او ملاحظات تخص اداء القضاة هنا او هناك، ولكن هذا لايعني باي حال من الاحوال، ان القضاء عندنا غير قادر على النهوض بمهامه، ولا ان بعض السلوكيات غير المقبولة من قبل بعض العاملين في السلطة الاعلامية، تعني ان هذه السلطة لم تعد قادرة على اداء مهامها!!
كلا ابدا، فاعلامنا  ادى ادوارا مهمة وترك اثرا واضحا في المشهد العراقي، سواء في الجانب الامني، -وقد فقدنا  الكثير من الزملاء الذين استشهدوا وهم يؤدون مهامهم ابان الحرب ضد الارهاب-، او في مواجهة وملاحقة الفاسدين وكشف الفساد، او فيما يتعلق بتسليط الاضواء على كل ما هو سلبي ، في مسعى لمساعدة المعنيين، في المعالجة والاصلاح، وليس بخافٍ على احد مقدار التأثير الذي حققته السلطة الاعلامية في تنوير الرأي العام، وتبصير الناس بحقوقهم وواجباتهم، ومساعدة السلطات التنفيذية في اتخاذ الكثير من القرارات والاجراءات المهمة على خلفية ما يقوم به الاعلام بجميع اشكاله وارتباطاته وانتماءاته، ودائما الكلام عن الاعلام الايجابي الذي يسعى لبناء الوطن، وليس الاعلام السلبي الذي يريد ان يخرب كل شيء..
تحية للسلطتين الاولى والرابعة، والتحية موصولة لباقي السلطات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق