المرجع الخالصي: الأنظمة الجائرة في كل زمان تحاول التغطية على ممارستهم بالشعارات الدينية وخداع الناس وهو ما رفضه امامنا الكاظم ونحن نسير على سيرته


تطرق سماحة المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 23 رجب الاصب 1443هـ الموافق لـ 25 شباط 2022م إلى قضية الإمام موسى بن جعفر (ع) وما هي الأسباب التي أدت إلى سجنه من قبل السلطة القائمة آنذاك، مؤكداً بأنها لا تتركز كما يشيع البعض على المكاسب الشخصية او الصراع الذاتي، وإنما هو عن دور الإمام الكاظم (ع) في متابعة وقيادة حركة الامة بشكل عام للالتزام بالدين والثبات عليه، وعدم السماح لخلفاء الملك العضوض والحكم الجبري القسري على تحويل الدولة إلى دولة ملكية خاصة، يعبث بها الصبيان وتسيرها النسوان.
وأشار إلى ان موقف الإمام الكاظم (ع) من الثورات التي كانت تجري وخصوصاً ثورة فخ، ومحاولات العمل لتوزيع الثروة بشكل صحيح وتطبيق العدالة بين الناس وضمن مشروع كامل او خطة واضحة لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهّار.
وقال: ان الخليفة الذي كان يظهر الاحترام والاهتمام بالقربى والتقديس لأهل بيت النبي (ع) كان يحاول ان يستغل هذه القرابة لكي يستفيد من غطاءها ومعرفة الإمام المتمثلة بشخصية الإمام، ولكنه اكتشف في النهاية ان الامام لا يقدم له هذه الضمانات ولا يقبل هذه الادعاءات، فانتهى به الامر إلى هذه الجرأة والقسوة في سجن الإمام الكاظم (ع).
وتابع: وهذا تماماً يشبه في زماننا محاولات الأنظمة الجائرة ومنها النظام السابق واللاحق بعد احتلال العراق بالتغطية على ممارساتهم بالشعارات الدينية واستغلال اسم المرجعيات الدينية، فإن هذه المحاولات الخطيرة التي خدع بها الكثير من الناس كان يراد لها ان تجري في زمن الإمام الكاظم (ع) ولكن ابى الإمام الكاظم (ع) ان يقدمها لهم؛ لأنها تشكل نوعاً من الإقرار بالظلم الذي يمارسه الحكام آنذاك، فكيف بالظلم الذي مورس هنا من قبل قوى احتلال خارجي هي خارجة عن الدين وخارجة عن الإسلام.
وخلص سماحته إلى ان حكّام ذلك الزمان أرادوا للإمام الكاظم (ع) ان يكون غطاءً للعملية السياسية آنذاك فرفضها ورفض قطعاً ان يشارك فيها لا من قريب او بعيد، وهذا بالضبط ما جرى في ذلك الوقت وما يجري اليوم، فالذين يريدون ان يزوروا الإمام الكاظم (ع) عليهم ان يفقهوا هذه المعادلة، فلا يمكن ان يتقدم الانسان الصادق في الولاء لعملية سياسية تبتعد عن الدين ويديرها أعداء هذا الدين واعداء الامة، مع فارق جوهري جداً وهي ان العملية السياسية في ذلك الزمان كانت مستقلة وبقيادة رجل من هذه الامة ومن أبناء عم الإمام (ع) ولم يكن لها رسالة او خطة سوى الإسلام والشريعة، ولم تكن ديمقراطية او ليبرالية او شيوعية او غيرها، بل هي كانت تسير باسم الإسلام ولكن لأن التزييف كان يكتنف ويغلف هذه الخطة فأبى الإمام (ع) ان يدخل معهم او ان يكون سبباً للغطاء في التغطية على أعمالهم وهذا ما أدى بالنتيجة إلى سجن الإمام وتحمله الآلام طوال سنوات العذاب في السجون والتنقل من معتقل إلى آخر ومن قيد إلى قيد؛ وهذا يجسد معنى مقولة (السلام على حليف السجدة الطويلة، والسلام على المعذب في قعر السجون).
ودعا سماحته إلى ضرورة ان يلاحظ الناس إلى أين انتهت العملية السياسية القائمة اليوم وفي أي مكان تحجرت، وما هي الوجوه التي يراد استخدامها لحكم العراق مؤكداً بأن هذا كله لا يراد منه سوى إهانة هذا الشعب وإهانة هذا البلد من خلال تسليط الفاسقين والفجرة والوجوه المستنكرة والجاهلون ايضاً بل والعاملون على تقسيم البلد، فيكون رئيس جمهورية العراق هو ممن عمل على تقسيم العراق وشارك في الاستفتاءات التي جرت بدعم الصهاينة وتغطية الساسة الطامعين والطامحين من الغرب.
وقال: الذين يبتليهم الله اليوم في الاشتباكات الحاصلة اليوم في أوكرانيا هي خطيرة جداً ولكنها تشكل نوعاً من العقوبة للذين شاركوا في تحطيم العراق وشاركوا في احتلاله ومنهم جيش أوكرانيا الذي دخل مع قوات الاحتلال إلى العراق وتمركز في محافظة واسط، رغم اننا ندعو إلى السلم الأهلي ونرفض تصعيد الحروب في العالم ويهمنا امر السلم العالمي إلا ان السلم لا يمكن ان يقوم إلا على العدالة ولا عدالة مع الاحتلال والعدوان والتسلط والهيمنة والظلم الذي يمارسه الغرب بأقبح الصور وأقسى الاشكال.
وأكد سماحته على ان المسلم الذي يسير على نهج الحق ويلتزم بكتاب ربه وسنة رسوله ويتبع الائمة ويحتفي بهم، لا يسير في مشاريع الخارجين عن الإسلام واعداء هذا الدين من الخونة واللصوص.
ودعا الامة التي تأتي بملايينها لزيارة موسى الكاظم (ع) في مدينة الكاظمية ببغداد ان تعلم اولاً ان السجين المقيد بالأغلال هو الذي ينتصر مادام ثابتاً على الحق، وان الطغاة سيذهبون إلى ما يستحقونه من الانزواء والضياع في التأريخ؛ هذا فضلاً عن عذاب الله تعالى يوم القيامة للظالمين وثواب المعذبين في سبيل الحق، فكل يومٍ ينقضي من رخاء الطاغي او الفاسد المتسلط هو ينقضي في نفس الوقت من عذاب المؤمن الصابر المحتسب كما جرى على الامام الصابر المحتسب موسى بن جعفر الكاظم (ع).
وأضاف: بعد ضمان النصر لهذه المسيرة على المسلم الّا يساير حُكّاماً جائرين، فإن مجرد الرضى ودخول المسلم في دواوين الظلمة حتى لو كانوا مسلمين، والعيش في دوائرهم هذا وحده يكفي ليشكل واحدة من أقبح وأقسى الممارسات التي تخرج الانسان عن الطاعة الحقة لله تعالى، وهو يحكم على نفسه بالإدانة الأبدية فإنه ركون للذين ظلموا فقد الله تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) هود: 113، فكيف إذا كانوا طغاة كافرين او عملاء التابعين.
وتابع قائلاً: ان الحاكم الظالم يظلم كل انسان لا يسايره في الطريق يعترض عليه وعلى افعاله، فإن الذي يحكم باسم السنة وبإسم الشيعة او باسم السلفية او الصوفية حين يكون ظالماً فإنه يظلم الجميع بما فيهم الجهة التي يدعي الانتماء لها، فلا يحتج لأحد بأنه من هذه الطائفة فيظلم تلك الطائفة فالحاكم الظالم يظلم الجميع. فقبل الاحتلال وقع الظلم على الجميع، وبعد الاحتلال وقع الظلم على الجميع ايضاً، ولكن هناك من يحاول ان يميّز ويفرق فيقول: هذا حاكم سني ظلم الشيعة او هذا حاكم شيعي ظلم السنة، وفي الحقيقة هذا لتمييع الاحداث وإلا فالشواهد العملية والتطبيقية التي رأيناها كلها تؤكد على ما قلناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق