البصرة في دوامة السياسة....!!








بقلم_السيدصباح النور
كانت ومازالت البصرة مدينة للثقافة والعلم ، وهي التي أنجبت أعلاماً في الفكر والعلم والثقافة كالحسن البصري والفراهيدي وأبي نؤاس والفرزدق وبدر شاكر السياب ، وآخرين خُطت أسماؤهم ونتاجاتهم في ذاكرة هذه المدينة وفي صفحات تاريخ العراق . ومع أن البصرة تُعد ثاني أكبر مدن العراق إلا أنها الأولى في حجم الثروات التي وهبها الله تعالى لها ، فقد أشارت العديد من الدراسات الدولية إلى أنها تقع فوق بحيرة من النفط وهي من أغنى مدن العالم لحجم الثروات النفطية والغازية فيها ، إضافة إلى كونها من أكبر مصادر الثروات الزراعية نتيجة خصوبة أرضها وآشتهارها بزراعة النخيل والرز والحنطة والشعير ، كما وصفت هذه المدينة العراقية بكونها سلة العراق الغذائية ومورده المالي الرئيسي وتزوده بما يقدر بـ 80 % من ميزانيته التي توفر المعيشة لكل العراقيين في كل محافظاته .. إلا أن هذه المدينة وعلى الرغم من كل عطائها الكبير تعيش حالات بائسة من التردي والإهمال في الإعمار وكل الخدمات الضرورية التي تتناسب ولو بشكل جزئي مع حجم عطائها الكبير .. إن معظم أهل البصرة يعيشون حالات من الفقر والبؤس والبطالة . وإن نظرة لما توصلت إليه مدن العراق من بناء وعمران وتوفير الخدمات وفرص كبيرة للعمل وخاصة مدن إقليم كردستان لم تكن إلا بفضل الأموال التي تمنحها البصرة من صادراتها النفطية . إن هذه النظرة تجعلنا نقف أمام حقيقة لا غبار عليها ولا يمكن تجاوزها وهي أن من تولوا المسؤولية في حكم المدينة وشعبها خلال السنوات التي أعقبت التغيير عام 2003 لم يتجاوز همهم السلطة ومغانمها وبهرجتها ، ولم يمتلكوا أي مشروع لإعمار مدينتهم وخدمة شعبهم وتوفير الخدمات الضرورية لهم ، فعلى الرغم من مرور خمسة عشر عاماً على تناوب الحكومات المختلفة على مدينة البصرة إلا أن حالها وأحوال أهلها يسير من السيئ إلى الأسوأ ، فما زالت المدينة الغنية خارج ركب التطور العمراني التي تشهدها أمثالها من مدن المرافئ الخليجية ، وما زال أهلها يحلمون بأبسط الحقوق التي تتمتع بها الشعوب في البلدان الفقيرة والمتخلفة كالماء العذب الصالح للشرب وبالهواء النقي الخالي من الروائح الكريهة التي يسببها تكدس النفايات في أزقتها وشوارعها وفي مصبات مياهها وشواطئ أنهارها .. هكذا هو حال البصرة الغنية التي تمنح ما يوفر لكل مدن العراق وسكانها ما يحتاجونه من متطلبات الحياة المادية .. وهكذا هي أحوال البصريين الطيبين الذين يعيشون في خيبة كبرى من سياسيين يمثلون مدينتهم ولا يفكرون بما ستؤول إليه الأوضاع إذا ما غمر اليأس النفوس ونفد الصبر من قلوب الصابرين ولم تتبقَ إلا صرخة المظلومين التي لا تبقي ظالماً يستمر بظلمه أو فاسداً يصر على سرقة حقوق الناس وآمالهم .
 
السيد صباح النور 
2018-1-26
السويد -ستوكهولم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق