المرجع الخالصي: التجارب اثبتت ما قلناه، ولا بد من أعادة النظر جذرياً في المسار الدستوري في العملية السياسية.







اكد المرجع الديني الكبير المجاهد سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد مهدي الخالصي (دام ظله)، الجمعة، ان التجارب حتى الآن اثبتت ما قلناه، وان العلة في العملية السياسية التي افرزها الاحتلال لمصلحته، لافتاً إلى ان الشعب طفح كيله ولم يعد يطيق المزيد من تكرار نفس الوجوه ونفس السياسة، فيما اعتبر ان لا اصلاح ممكن ان يجري إلا بإصلاح جذري في المسار الدستوري والعملية السياسية على ضوء التجارب السابقة.
وقال المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد مهدي الخالصي (دام ظله)، خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 8 جمادى الأولى 1439هـ الموافق لـ 26 كانون الثاني 218م، ان العالم في وضعه الراهن يواجه خطراً لم يعهد نظيره على مدى تاريخه المدوي وغير المدّون، خطر يكاد يستشعره كل كائن على وجه الارض، خطر كائن يلبس لبوس الادميين ويتصرف تصرف الشياطين، ويمتلك ازرار ترسانة نووية كافية لتدمير العالم في لحظة غضب أو يأس أو نشوة فرح، انه رئيس أكبر دولة، مزود على ما يضن كل وسائل القهر والتدمير.
وأضاف سماحته: انه منذ ان ظهر على المسرح السياسي يهدد العالم كله بحرب لا هوادة فيها، وبحماقة وعنصرية لا تخفى ولا نظير لها، هذا على الاجمال، وإذا اردت التفصيل فلا تجد جهةً لم تشمله هذه السياسية الهوجاء والعنصرية، بدءاً من العالم الاسلامي بكل أقطاره: العراق، وايران، سوريا، وفلسطين، اليمن وافغانستان، وباكستان وتركيا، ومروراً على سائر الاقطار الصين وروسيا وكوريا والهند، والاتحاد الاوروبي، والسلفادور، والقارة الافريقية واللاتينية، ودول الجوار له كندا والمكسيك وكوبا، لم تسلم من هذه السياسة الهوجاء حتى المنظمات الدولية والإنسانية: الامم المتحدة ومجلس الامن، واليونيسف والأونروا، ومنظمة التجارة الدولية، وكل كوكب الارض بمناخه وأحيائه ونباته وما خفي أكبر.
وتابع سماحته (دام ظله) قائلاً: فماذا ينتظر العالم إزاء هذا الحقد الاعمى والاستخفاف الاهوج؟!، أما آن ان يستفيق العالم لدرء هذا الخطر الداهم، فيسارع إلى عقد اتفاق عالمي لا يشن حرب كونية على امريكا وشعبه، بل لوضع برنامج اتفاق من احتمالات آثار هذا التوجه المخيف، فقد احس الشعب الامريكي نفسه بما يحدق به وبالعالم من مخاطر هذه السياسة، وبادر إلى دق ناقوس الخطر بالتصدي لمجابتها، فأصدر الملف الاسود لهذا الرجل بعنوان: (النار والغضب...) قبل ان يمضي عام واحد من ولايته، وها هي الجهات المختصة تستدعيه للمساءلة، والتحقق من توازنه وقواه العقلية والنفسية.
وأوضح سماحته (دام ظله) قبل ذلك صدر من الامم المتحدة ما يشبه القرار الاجماعي على بعض تصرفاته فيما يتعلق بقراره المناقض للقانون الدولي في الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للمحتل الغاصب، مؤكداً ان الرجل لم يترك حداً إلا تجاوزه، فهو مصاب بداء العظمة وطغيان المال والقوة (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ-  أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ)، فعليه ان العالم كله مدعو إلى مبادرة جادة لكبح جماح هذا الخطر الداهم.
وفي الشأن العراقي أشار سماحته إلى الاوضاع السائدة، وما يعانيه الشعب من المشكلات الاقتصادية والأمنية ومسألة الانتخابات القادمة، فقال سماحته (دام ظله): إنّا نقول تجارب الاعوام السابقة والسياسات التي أدت إلى النتائج المأساوية القائمة كافية لإعادة النظر جدياً فيما يعاني منه العباد والبلاد.
وأضاف سماحته (دام ظله) ولا نحمّل جميع الوجوه التي مرت على المسرح السياسي تبعة كل ذلك، ولا نتهم بالفساد المتعمد جميعهم، فإن فيهم المخلص، ولكنه لا يستطيع الاصلاح وإن أراد ما دامت العملية السياسية مكبلة، بل نقول ان الكيل قد طفح، والشعب لم يعد يطيق المزيد من تكرار نفس الوجوه ونفس السياسة.
وبيّن سماحته (دام ظله) ان الشعب يتوق إلى تغيير جذري ينقذه مما هو فيه، والتغيير لا يمكن على نفس الوتيرة وبواسطة نفس الوجوه والتكتلات، ولأن العلة في العملية السياسية التي أفرزها الاحتلال لمصلحته، وهي التي افرزت المفاسد والمآسي القائمة، وبعبارة مختصرة نقول: ان التجارب حتى الآن اثبتت ما قلناه. 
وأكد سماحته (دام ظله) على ان الانتخابات في ظل العملية السياسية ليست مصلحة عراقية بل هي مصلحة اجنبية، داعياً من يريد التغيير فليبدأ بتغيير العملية السياسية من جذورها المحاصصية الطائفية، المعرقلة لأية ممارسة وديمقراطية مفيدة، فإن لم يكن ذلك فهذا دليل آخر على أن هنالك من يرعى هذه العملية لمصلحته.
وتابع سماحته (دام ظله) قائلاً: فلا يبقى أمام الشعب طريق للتغيير سوى (المقاومة السلبية) التي جربتها شعوب ونجحت في تركيع خصمها الاجنبي، والمقاومة السلبية تبدأ بالامتناع المطلق من المشاركة في الانتخابات ترشيحاً وتصويتاً ما دامت لا تحقق مصلحة الشعب بل مصلحة الأجنبي وبعض العناصر الفاسدة المستفيدة.
وأشار سماحته (دام ظله)  إلى ان الشعب قد عرف طريقه، وعلى العناصر المخلصة التي شاركت حتى الآن في الانتخابات السابقة ان تعترف بالإخفاق على ضوء النتائج المأساوية القائمة، وعليها ان تنحاز إلى الأمة في المقاومة السلبية بمقاطعة الانتخابات، ولا خوف من الفراغ الدستور الذي يدعيه البعض، لأنه وباختصار شديد فإن الفراغ الدستوري (المزعوم) موجود منذ ان ركب الاحتلال العملية السياسية بمفاصلها المعرقلة لكل إصلاح والوضع المشهود دليل على ذلك.
وختم سماحته (دام ظله)  مؤكداً : فلا اصلاح إلاّ بإصلاح المسار الدستوري، وإعادة النظر في العملية السياسية برمتها على ضور التجاب السياسية السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق