بقلم _ أياد السماوي
يوم أمس الخميس بدأت عملية التصويت على مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المؤجّل منذ خمسة عشر عاما .. للوهلة الأولى وعند بدء عملية التصويت على مواد مشروع القانون من قبل أعضاء مجلس النواب العراقي , تبادر إلى أذهاننا أنّه تمّ التوافق والاتفاق على النقاط الخلافية التي حالت دون تشريع القانون كلّ هذه السنين المنصرمة , وأنّ مجلس النواب العراقي عند طرحه مشروع القانون قد تجاوز هذه الخلافات , وتوّصل إلى اتفاق ينهي حقبة محكمة ( مدحت المحمود ) التي أدخلت البلد في دوامة الكتلة الاكبر والمشاكل القانونية الأخرى , والتي انتهت بإدخال البلد في منطقة الفراغ الدستوري منذ قرابة العامين .. وكانت الآمال معقودة على إقرار هذا القانون وإنهاء تلك الحقبة التي تمّ تسخير القانون فيها من قبل مدحت المحمود للحاكم القوي , منطلقا من نظرية أنّ الحاكم القوي هو القانون وأنّ والوطنية هي في تسخير القانون لهذا الحاكم القوي .. لكنّ هذا التفاؤل سرعان ما تلاشي مع بدء التصويت على مواد مشروع القانون الثانية والثالثة والمواد الأخرى المختلف عليها .. وتبيّن أن القوى السياسية التي اختلفت على هذه المواد لا زالت عند مواقفها ولم تتزحزح عنها قيد أنملة .. حيث دبّ اليأس من جديد إلى نفوسنا وعدنا إلى المرّبع الأول , بالرغم من وجود تسريبات مشكوك فيها تشير إلى أنّ الأيام القادمة قد تشهد هذا الانفراج والتوافق ..
لا شّك أنّ الجميع يطمح لإقرار قانون المحكمة الذي ورد في نص المادة 92 من الدستور العراقي , بما ينسجم مع واجبات واختصاصات هذه المحكمة التي أقرّتها المادة 93 من الدستور أيضا , ولا شّك أيضا أنّ الآمال لازالت معقودة بتشريع هذا القانون الذي بات في حكم المستعصي رغم الشكوك في هذا الأمر , وهذا يتطلّب من أعضاء مجلس النواب أن يتحدّوا أنفسهم ومصالح كتلهم السياسية نزولا عند المصالح العليا للشعب والوطن .. ولا زال التحدّي قائما حتى تشريع هذا القانون .. وإذا كانت المواقف لا زالت متباعدة وغير متقاربة فالأولى هو الذهاب لتعديل الأمر الديواني رقم 30 لسنة 2005 الذي عطّله مدحت المحمود في 21 / 05 / 2019 عندما أصدر قراره المتعسّف بإلغاء المادة 3 من القانون المذكور والتي أدخلت البلد في دوامة الفراغ الدستوري .. إنّ عدم وجود محكمة اتحادية تحكم في دستورية القوانين والتشريعات التي تصدرها السلطات التشريعية والتنفيذية وتفصل في المنازعات التي تنشأ بين السلطات , قد فتح الباب واسعا أمام فساد السلطات المحليّة لتقوم بعمليات نهب واسعة للمال العام , خصوصا بعد قرار مجلس النواب إلغاء مجالس المحافظات اللا دستوري .. وهذا المثال هو واحدا من مثالب قرار اللا محمود في تعطيل عمل المحكمة الاتحادية العليا .. فهل سينتفض نواب الشعب لواجباتهم الوطنية والشرعية ويتحدّوا أنفسهم ويمحوا حقبة مدحت اللا محمود من الذاكرة العراقية ؟ ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق