مكافحة الفساد الوظيفي





 بقلم_ اللواء الدكتور عدي سمير حليم
الفساد الوظيفي ظاهرة قديمة في فحواها، حديثة في أساليبها، وهي ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ومتجذرة واتخذت إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل عديدة ومختلفة التمايز، وقد تختلف من مجتمع إلى آخر من خلال تعدد أساليبها وتنوع البيئة الوطنية وقد تتخذ أشكالاً مختلفة، منها الإداري، والمالي، والسياسي، والاجتماعي، والقانوني، والاقتصادي، والامني.
وذلك كونه يصيب الجهاز الإداري بالشلل، ويجعله غير قادر على أداء المهام والواجبات التي نشأ من أجلها.
ونظراً للأثار المدمرة التي تترتب عن الفساد الاداري وخاصة في نطاق الوظيفة العامة وبالشكل الذي ينعكس على الادارة والمواطن من خلال الخدمة المقدمة له من الدائرة المختصة والتي تلقي بضلالها على الواقع الخدمي للفرد لابل تتعداها ايضاً الى الضرر بجميع نواحي الحياة الأخرى.
وقد تعددت اسباب انتشار ظاهرة الفساد الوظيفي فبعضها يرجع إلى سيطرة الأجهزة الإدارية على مختلف الأنشطة الاقتصادية، والبعض يرجع إلى سوء التنظيم الإداري والروتين المعقد في الإجراءات الإدارية وعدم استحداث إجراءات مبسطة في دوائر الدولة واتباع المركزية الإدارية، او سوء اختيار الأشخاص المناسبين لأشغال المناصب القيادية مما يؤدي الى خشية هؤلاء على مناصبهم مما يدفعهم لاختيار معاونيهم ونوابهم ممن هم على شاكلتهم للسيطرة عليهم، وهذا حتماً سيدفع هؤلاء بجلب موظفين ممن هم بمستوى تفكيرهم مما يؤدي الى الجهل او التقصير في تنفيذ القوانيين والأنظمة الوظيفية والعمل بالكيفية وفقاً للصلاحيات الوظيفية الواسعة، المخولة لهم وهذا كله على حساب المصلحة العامة.
وهذا سيؤدي حتماً الى ضعف وسائل الرقابة والمحاسبة، التي تُطبق على الموظفين، بدافع المجاملات أو المقابل المادي، ويكفي العلم بأن غالبية التشريعات تمنح الرئيس الإداري الأعلى سلطة إحالة المخالف إلى التحقيق، بالإضافة إلى سلطة حفظ التحقيق، وسلطة توقيع العقوبة الذي لا يتناسب مع المخالفة او الجرم الإداري، بسبب مبدأ المشروعية الإدارية "لا عقاب إداري بدون نص".
وهذا حتماً سيؤدي الى رفع تقارير مغالطة للحقيقة الى المافوق أو حتى عدم تزويدها بتلك التقارير أصلاً لتفادي أي إصلاح مستقبلي. لذلك يستوجب اسناد الوظائف الحكومية الى ذوي الاختصاص ممن تتوافق مؤهلاتهم وخبراتهم مع الأعمال المناطة بهم والتي ستسهم إلى حد كبير على انجاح الأجهزة الإدارية في الدولة، والحد من الفساد الإداري بشكل تدريجي وانحدار أخلاقيات الوظيفة العامة، ويؤدي بالتالي إلى تحويل عمليات التخطيط بمجملها إلى عمليات هلامية وشكلية لا قيمة لها، ويجعل عملية التنمية الإدارية برمتها صورية وبلا مضمون، كما ويساهم إلى حد كبير بمقاومة أي إصلاح تشريعي أو مؤسسي للجهاز الإداري، أملاً في بقاء المنافذ التي يتسلل منها مفتوحة، وذلك من خلال قيام الفاسدين في تلك الأجهزة بإبقاء جهود التنظيم والإصلاح الإداري حبيسة الأدراج وحبراً على ورق. كونه سيُحرف بمقاصد القرارات الإدارية مبتعداً بها عن المصلحة العامة، لتحقيق مكاسب شخصية، وهذا ما يسمى بالانحراف الوظيفي في استخدام السلطة، وهو وجه من اوجه الفساد الوظيفي، ويوقع على من يرتكبها عقوبة منصوص عليها في قانون العقوبات.
ونرى ان هناك تحرك دائم من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية والقضائية للسعي الدائم من اجل مكافحة الفساد الوظيفي بجميع اشكاله واساليبه.
لذلك نجد اليوم تشكيل لجنة دائمية للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم الهامة وذات صلاحيات واسعة وهذا ضمن التوجه الحكومي الذي يقوده السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد مصطفى الكاظمي في مكافحة الفساد الإداري والمالي.
واصبحت هناك ثورة اداريه يقودها السيد وزير الداخلية عثمان الغانمي من خلال التوجه الاداري في الاستفادة من حملة الشهادات العليا في ممارسة اختصاصاتهم الوظيفية في مفاصل الوزارة كافة وفقاً لمبدأ النزاهة والمهنية وكان لكلمة سيادته في مؤتمر المرور "بأننا نريد ان تكون وزارة الداخلية بيضاء" الأثر الكبير في نفوس الخيَّرِين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق