قراءة تحليلية في آثار تخفيض سعر صرف الدينار


بقلم _ سمير النصيري
من خلال متابعتي كمختص في  المجال الاقتصادي والمصرفي لقرار تخفيض سعر الصرف للدينار  وفي ضو التحليل الاقتصادي الدقيق  سأتناول في حلقات خاصة ابعاد وتأثيرات التخفيض في الظرف الاقتصادي الراهن الذي يمر به العراق وفقا لما يلي:‐

        الحلقة (١)
اولا‐ما هو الفرق الذي تحصل عليه وزارة المالية جراء تخفيض قيمة الدينار ؟
الفرق الناتج عن سعر صرف الدولار الجديد هو 5.8 تريليون دينار محسوباً على اساس ايراد نفطي كلي قدره 49 مليار دولار سنوياً ( 42 دولار للبرميل وتصدير 3.250 مليون برميل يوميا) 
حيث ان وزارة المالية تبيع 22  مليار دولار من المبلغ اعلاه الى البنك المركزي والباقي تدفعه عن التزاماتها الخارجية بالدولار وهي :
حصة شركات جولات التراخيص 12 مليار دولار و 8 مليارات ديون والتزامات خارجية و 6 مليار على الاقل عن استيرادات الوزارات من تجهيزات ومواد ومعدات وغاز وكهرباء ..الخ
ان مبلغ 22 مليار دولار الذي يباع على سعر الصرف الجديد هو 31.9 تريليون دينار مقارنة ب26.1 تريليون دينار على سعر الصرف السابق اي ان الفرق هو 5.8 تريليون دينار ومن الطبيعي سيكون اقل اذا انخفض سعر النفط .


    الحلقة ٢
الآثار السلبية :
١_ أثر التخفيض على الصناعة العراقية :
تحتاج صناعتنا المحلية الى سنوات طويلة من النأسيس والبناء والتطوير ويحتاج كل ذلك الى   استيراد الاجهزة والمعدات والمواد الاولية من الخارج ولذلك سيؤثر ارتفاع سعر الدولار على قيام الصناعة بسبب ارتفاع تكاليف تأسيسها او تطويرها .
اما حماية المنتوج المحلي من المنافسة الخارجية فهي من مسؤولية النظام الجمركي وقوانين الحماية العديدة والمعطلة مع الاسف .
ان القول بإن تخفيض قيمة الدينار سيقود الى تنشيط صناعتنا قول غير واقعي حيث لا ينطبق على الحالة العراقية فلسنا حالياً بلداً مصدراً ولن نكون كذلك الا ربما بعد عقود من الزمن ان سارت الصناعة بسلّم الارتقاء والتطور عندها يكون موضوع سعر الصرف محل دراسة في ضوء العوامل المحيطة بالتصدير .
تجدر الاشارة هنا الى ان نهوض الصناعة في العراق يتطلب توفير الظروف الملائمة له من حيث الدعم والحماية بكافة اشكالها وتوفير الكهرباء والوقود وبإسعار تحفيزية وتذليل البيروقراطية والفساد والابتزاز بكافة اشكاله..والاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي وكلها عوامل حاكمة وحاسمة تأتي قطعًا قبل سعر الصرف.
٢- اثر التخفيض على التجارة :
نظراً لاعتماد العراق على الاستيرادات حاليا فإن قطاع التجارة هو الاوسع والأكثر نشاطاً ويستوعب شريحة كبيرة من التجار وباعة الجملة والمفرد وما يلحق به من نقل وخزن وتأمين واعمال اخرى كثيرة سيؤدي تخفيض قيمة الدينار الى تأثر حجم نشاطها بسبب انخفاض الطلب نتيجة لارتفاع الاسعار من جهة وتخفيض رواتب موظفي الدولة من جهة اخرى .
٣- اثر التخفيض على القوة الشرائية للمواطنين 
ان الطبقة الاوسع في العراق هي ذات دخل محدود وان اغلب المواد والبضائع والاحتياجات الاساسية مستوردة اذا فان تخفيض قيمة الدينار سينعكس سلباً على قدرتها الشرائية بسبب ارتفاع الاسعار ومع تخفيض الرواتب وايقاف التعيينات والتوقف شبه عالكلي لمشاريع الحكومة وبالتالي قلة فرص القطاع الخاص فإن المشكلة ستكون صعبة ،وسترتفع نسبة التضخم بشكل يؤثر على الطبقات الفقيرة واواطئة الدخل والمتوسطة .

التكملة في الحلقات القادمة.
مستشار اقتصادي ومصرفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق