القطاع المصرفي في الورقة البيضاء


بقلم _ سمير النصيري

في الوقت الذي نثمن فيه الجهد المبذول من الحكومة وخلية الاصلاح المالي في اعداد واصدار الورقة البيضاء وهي خارطة الطريق للاصلاح الاقتصادي المنشود للسنوات المقبله
وحددت الورقة البيضاء في الصفحات ٥٦ و٥٧  الاهداف الرئيسية لاصلاح القطاع المصرفي في الامد المتوسط والبعيد بين (٣‐٥) سنوات وهي في الحقيقة تشخيص عام لمشكلات وتحديات القطاع المصرفي والتي سبق ان تم تشخيصها من قبل البنك المركزي ومن البنك الدولي  وسبق ان وضعت لها حلولا واليات عاجلة واستراتيجية كما هو واضح في استراتيجية البنك المركزي (٢٠١٦-٢٠٢٠) والمشاريع المصرفية الاستراتيجية للسنوات (٢٠١٩‐٢٠٢٣) وقد ركزت الورقةعلى الاهداف العامة للاصلاح المصرفي وكما مايلي:-
اولا-فسح المجال امام المصارف الخاصة لاخذ دورها كرافعة للاقتصاد وانهاء دور المصارف الحكومية كذراع للتمويل المصرفي.
ثانيا -معالجة التعثر في المصارف والدمج القسري للمصارف المتعثرة واعادة الثقة مع الجمهور.
ثالثا-توفير البيئة الملائمة لتشجيع المصارف على الاقراض المحفز للاقتصاد. ومزاولة العمل الحقيقي وعدم الاعتماد كليا على  نافذة العملة ورسوم الضمان والرسوم المصرفية الاخرى.
رابعا - استكمال تطبيق معايير المحاسبة الدولية (IFRS) وتطوير العمل المصرفي باستخدام االتقنيات المصرفية الحديثة.

ولكن الذي يؤشر بوضوح على الورقة انها لم تحدد حلولا واليات واجراءات عاجلة للمساهمة بمعالجة التحديات والتداعيات التي يعاني منها القطاع المصرفي الحكومي والاهلي  ويلاحظ ايضا انه لم يتم اشراك االقطاع المصرفي الخاص في مناقشات اعداد الورقه لذلك كانت الاهداف الاصلاحية عامة ولم تستند الى ملاحظات تفصيلية عن ماتعانيه المصارف  من مشكلات ومعوقات  عمل حالية تقف امام تحقيق اهداف الاصلاح لذلك نعتقد ان الورقة البيضاء تحتاج الى  توضيح المعالجات العاجلة وعلى الاقل ان يخصص عام ٢٠٢١ لتحقيقها لغرض بناء قاعدة حقيقية لاصلاح القطاع المصرقي ويمكن تحديد الاجراءات والحلول العاجلة للاصلاح المصرفي
كما اراها ما يلي :‐
 اولا‐اتخاذ القرارات الفورية لاعادة التوازن بين المصارف الحكومية والمصارف الاهلية من حيث روؤس الاموال والنشاط والمهام والتركيز على البدء  بهيكلة مصرفي الرافدين والرشيد وفق ماورد بالاتفاق مع البنك الدولي منذ عدة سنوات.
 حيث يلاحظ من قرائتي التحليلية
 للبيانات والاحصائيات الرسمية الصادرة من البنك المركزي لغاية ٢٠١٩ .ان  هيكل القطاع المصرفي العراقي يتكون من ٧ مصارف حكومية تستحوذ على ٨٦% من مجموع ودائع الحكومة والجمهور وعلى ٧٨% من مجموع الموجودات والمصارف الخاصة تشكل ٧٢ مصرف تجاري واسلامي وتستثمر ٧٨% من رأسمال القطاع المصرفي العراقي ولم 
تحصل سوى على ١٣% من مجموع الأرباح السنوية المتحققة على المستوى الإجمالي  وهذةه اشكالية كبيرة .
 
ثانيا‐ ومن خلال نظرة تحليليه لواقع الاقتصاد العراقي والتحديات التي تواجه السياستين المالية والنقدية وبشكل خاص تحفيز وتنشيط  الاقتصاد بالتمويل المصرفي والتسهيلات المصرفية يقف عدم المساواة والتوازن بين المصارف الحكومية  والاهليةفي الدعم الحكومي والنشاط عائقا امام ذلك وهذا يؤكد بان المصارف الاهلية
    بحاجه ماسة وفورية إلى الدعم الحكومي من خلال دراسة مشاكلها في الظرف الراهن في خلية الطوارئ للاصلاح المالي .بحضور ممثليين للقطاع المصرفي الخاص.
ثالثا‐ اتخاذ الاجراءات الفورية  باعادة توزيع الكثافة المصرفية للمصارف الاهلية بما يتناسب مع الحاجه الفعلية للاقتصاد العراقي وباتجاه ايقاف منح رخص جديدة لتاسيس مصارف جديدة والبدء بتأهيل المصارف المتعثرة والتي تجاوز عددها ٢٠ مصرفا  و دراسة الجدوى الاقتصادية لاستمرارها بالعمل او بدمجها وفقا لدليل الدمج الذي اصدره البنك المركزي في عام ٢٠١٩
بالرغم ان ذلك يتطلب جهودا ومتطلبات خاصة في بيئة العمل في العراق.

 ثالثا‐ان طبيعة نشاطات المصارف تعتمد على طبيعة نشاطات القطاعات الاقتصادية الاخرى، ومادام النشاط الاقتصادي يتركز في التجارة ( الاستيرادات) يبقى نشاط المصارف متركزاً على التحويل الخارجي وهذا يعني ان مشكلة نافذة العملة ليس في عرض الدولار من البنك المركزي وانما السبب هو الطلب على الدولار  ..لذا مالم تتحرك القطاعات الاخرى ( الصناعة ، الزراعة ، السياحة وغيرها ) لانتوقع تنوع النشاط المصرفي .
والجدير بالذكر انه بدون السيطرة على الاستيرادات سوف لن تنهض تلك القطاعات ،لانه بدون دعم للمنتج المحلي لايمكن الحد من الطلب على الدولار .
رابعا‐ لابد من توفير البيئة القانونية وبسط سلطة القانون من أجل القضاء على ظاهرة التعثر في تسديد القروض حيث بلغت الديون المتعثرة بحدود (٥ تريليون دينار) ٧٠% منها ديون المصارف الحكومية و٣٠% ديون المصارف الاهلية وهي تشكل نسبه كبيرة من مجموع 
الائتمان النقدي الممنوح وبالتالي احجام المصارف عن تقديم القروض والتسهيلات المصرفية .

خامسا‐البدء فورا بتفعيل تنفيذ قرارات مجلس الوزراء ولجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء والتي سبق أن صدرت سابقا لدعم القطاع المصرفي وبشكل خاص المصارف الخاصة بفتح حسابات للوزارات والدوائر الحكومية وقبول الصكوك المصدقة وفتح الاعتمادات المستندية للحكومة بمبلغ ٥٠ مليون دولار بدون المرور بوزارة المالية والمصرف العراقي للتجارة وقرارات اخرى تخص الاقتراض للمشاريع الاستثمارية وجباية الضرائب والرسوم الكمركية  وتوطين الرواتب .
لانه بعكس ذلك سوف يؤدي  الى عرقلة اعمال وانشطة المصارف الاهلية ويؤثر  بشكل كبير على سيولتها  وايراداتها وودائعها ويؤخر  انتقال المصارف من دور الصيرفة
 إلى الدور التنموي كما مثبت في الورقة البيضاء.

 سادسا‐تفعيل محكمة الخدمات المالية المشكلة وفقا لقانون البنك المركزي ٥٦لسنة ٢٠٠٤ وللمحكمة إحالة الدعاوى التي يتطلب إحالتها للمحاكم المختصة وفقا لقانون العقوبات النافذ .

سابعا‐ اعتبار دعاوى الديون المتعثرة بذمة الزبائن في المصارف الخاصة دعاوى مستعجله وديون ممتازه أسوة بالديون الحكوميه.

ثامنا‐ اضافه الى ماقام به البنك المركزي من جهود يتطلب قيام الحكومه ايضا بالعمل على توفير الظروف واتخاذ الإجراءات لمساعدة المصارف الاهلية على الحصول على التصنيف الائتماني المعتمد دوليا وبالتالي تعزيز العلاقات المصرفية الدولية مع البنوك المراسلة.

* خبير مصرفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق