بيان نقابة المحامين العراقيين بمناسبة صدور قرار مجلس الامن المرقم 1483 في 9 نيسان 2003


لعلّ من أهمَ الملفات الوطنية المسكوت عنها و الذي لا يزال مغلقاً أو يكاد يكون منسياً ، ونحن نقترب من تاريخ صدور قرار مجلس الأمن المرقم (1483) و الصادر في 9\ نيسان \ 2003 هو ملف التعويضات عن الأضرار التي أصابت الشعب العراقي و دولته ، و الناتجة عن الغزو العسكري الأمريكي البريطاني لأراضيه بعد أن فرضت تلك الدولتين على مجلس الأمن الدولي الاعتراف بشرعية احتلالهما للعراق بقراره المذكور كحالة متحققة على صعيد الواقع خلافاً لميثاق الأمم المتحدة و في سابقة من شأنها الإقرار باحتلال الدول و الشعوب بالقوة العسكرية الغاشمة . 

وهذا ما يستوجب قانونياً و حقوقياً و إنسانياً ، فتح صفحات ملفات تعويض العراق و إخراجه من المواقف المطلبية و الإعلامية و الوصول به إلى حيز اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بإجراء محاكمات جزائية و مدنية لجميع مرتكبي الجرائم ، على أرض العراق منذ بدء العمليات العسكرية الغازية في 20 \ اذار\ 2003 و لغاية 9 \ نيسان \ 2003 و ما بعدها ، لغاية الإنسحاب الفعلي الكامل للقوات الأمريكية و البريطانية و المتعددة الجنسيات ، و الشركات الأمنية الخاصة الملحقة بها ، و بما يؤمن عدم إفلات أي ضابط أو جندي أو عنصر مشترك من العقاب الصارم . 

لم يعد مقبولاً السكوت أو الحيلولة دون إثارة المسؤولية القانونية الوطنية و الدولية إزاء جسامة الجرائم المقترفة من قبل القوات العسكرية الغازية و التي لا يمكن إغفالها أو نسيانها تبعا لدرجة شدتها و خطورتها واستهتارها ، و التي استهدفت الأرواح و الحريات و الممتلكات المادية و المعنوية العامة و الخاصة و أبنية الدولة و مؤسساتها الفوقية و التحتية ليمتد العدوان إلى تراث العراق و إنجازاته و حضارته و آثاره و حتى ذاكرته الوطنية . 


إن المطالبة بالتعويض عن الأضرار اللاحقة بالضحايا المدنيين العراقيين الأبرياء بات مطلباً عراقياً و إنسانياً و بإلحاح شديد ما لا يمكن إغفالها رغم مرور أكثر من عقد على ارتكاب هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم لأنها تشكل جرائم محظورة طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني و اتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949 و ملحقيها بروتكولي جنيف لعام 1977 و سواء كانت هذه الأضرار اللاحقة بالعراقيين ناتجة عن العمل العسكري العدواني الاحتلالي أو من خلال الممارسات و الانتهاكات التي تشكل طائفة واسعة من التعاملات البعيدة جداً عن التقيد بقواعد حقوق الإنسان و الإلتزام بها و العراق تحت الاحتلال و التي لا يمكن حصرها في هذا البيان ومنها عمليات التعذيب الوحشي للمعتقلين في سجن ( أبي غريب ) الشهير وغيره من السجون و المعتقلات الرهيبة و التي كثيراً ما كانت ترتبط بموت المعَذّب أو الإصابة بالعاهات الدائمة أو بأضرار نفسية معقدة و كذلك الأضرار الخطيرة المتمثلة بالأمراض السرطانية التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة نتيجة استعمال المقذوفات و الأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا . 

إن نقابة المحامين العراقيين تتطلع إلى تعاون وثيق مع مؤسسات الدولة و الحكومة و المنظمات الحقوقية و الإنسانية ذات العلاقة والإهتمام بملفات التعويض والمطالبات القضائية الوطنية و الدولية ، بما يكفل حقوق الدولة ، و جميع العراقيين المتضررين و أن أحد المداخل الرئيسة لضمان الحق بالتعويض ، إلغاء مجلس النواب للأمر رقم (17) لسنة 2003 الصادر من رئيس سلطة الإتلاف المؤقتة بول بريمر الذي لا يزال نافذا ، ذلك أن هذا القرار قد أسبغ الحصانات القضائية على قوات التحالف العسكري و منع القضاء العراقي من قبول الدعاوى و المطالبات ضد جنود و ضباط هذا التحالف و الشركات الأمنية الخاصة الملحقة بهم في انتهاك واضح و صريح للسيادة القانونية و القضائية العراقية و خلافا لأحكام المادة (6) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 . 




ضيــاء السعــدي


نقـــــيب المحامـــين العراقيــين 


6 / 4 / 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق